Lang

صناعة الترجمة

 

لطالما كانت الحاجة الى الترجمة أمرًا هامًا، ولطالما كان شأن المترجم رفيعًا بين أصحاب المهن الأخرى. ولعل هذا الشأن يتزايد اليوم مع هذا الكم الهائل من الوثائق المطلوب ترجمتها يوميًا.

وعلى الرغم من اختلاف مادة الترجمة بين أدبيةٍ وقانونيةٍ وعلميةٍ وغيرها إلا أن المترجم الذي يتمرس في هذه المجالات أو بعضها يستطيع أن يؤمن مستقبلًا جيدًا على المستوى المادي والاجتماعي. وقد يرى الكثير منا الترجمة كأساس من أسس الدخل القومي، وربما ترقى الترجمة إلى أن تصبح صناعة بحجم الصناعات الأساسية في الدولة. حيث تتداخل الترجمة في العديد من الصناعات الأخرى مثل الطباعة وصناعة الورق والأحبار والإلكترونيات والانترنت وتستمر القائمة حتى تصل الى القوى العاملة المثمثلة في المترجم ومدير المشروع والإداريين وغيرهم. ولكن لكي تتحول الترجمة من مجرد مهنة إلى صناعة مهمة من الصناعات العملاقة علينا الاهتمام ببعض المكونات التي تجعل من الترجمة أساسًا تقوم عليه صناعات أخرى. أولًا ومن البداية، مرحلة تكوين مترجم بارع وذلك بتخصيص جزء من اللغات الأخرى للترجمة في المدارس وكذلك تخصيص قسم للترجمة. ويحسن أيضًا تدريب المترجم عقب تخرجه على يد المترجمين المخضرمين الذين يستطيعون صياغة المعنى الصحيح وتوضيح عبارات اللغة التي لا يمكن ترجمتها حرفيًا، وتقوية ملكة وموهبة المترجم وصقل قدرته على توصيل المعنى المطلوب بطريقةٍ بسيطةٍ وميسرةٍ، تبعد عن الركاكة في الأسلوب وعن التعقيد أيضًا.

ولعل التدريب على الترجمة هو أقصر الطرق لاحترافها، ولذلك أرى أن الدولة منوطةٌ بترجمة مواقعها الإلكترونية على الأقل باللغة الإنجليزية؛ حيث إنها اللغة الأكثر انتشارًا في العالم وذلك للوصول لغير الناطقين باللغة العربية وتغيير الصورة النمطية عن اللغة العربية في العالم. وكذلك وجود مترجمين معتمدين بداخل الهيئات الحكومية وذلك للاطلاع على الوثائق المقدمة لهذه الهيئات بلغاتٍ أخرى وذلك أن النص الأصلي دائمًا ما يحمل المعنى بشكل أوضح واكثر شفافية.

وإن كانت الترجمة في الوقت الحالي لا ترقى أن تكون صناعةً قائمةً بذاتها، فالأمر لا يتعدى الاهتمام المباشر بجودة الترجمة وكفاءة المترجم حتى تصبح صناعة عملاقة تساهم في الحد من البطالة وزيادة التشغيل والرقي بالمجتمع والانفتاح على الثقافات الأخرى أثناء الترجمة من وإلى اللغات الأخرى وكذلك الاستفادة من الفنون والعلوم في الدول الأخرى، وربما يكون هذا هو الغرض الأسمى للترجمة .. التواصل بين الشعوب والتقاء الثقافات..

ولتلخيص ما سبق، فالترجمة تعد تجارةً رائجةً اليوم قد ترقى أن تصبح صناعةً عملاقةً جدًا تساهم في الدخل القومي وتحد من البطالة وتصبح جسرًا يصل الثقافات والشعوب إذا ما اهتمت الدولة بإعداد مترجم متميز واهتمت شركات الترجمة بتدريب المترجم حتى يصبح مترجمًا واعدًا يستطيع تحمل عبء نقل المعنى وتوصيل الفكرة.