مترجمون معاصرون كانوا جسورًا لنقل الأدب العالمي إلينا - الجزء الثاني

مترجمون معاصرون كانوا جسورًا لنقل الأدب العالمي إلينا - الجزء الثاني

نستكمل في تلك المقالة الجزء الثاني من حديثنا عن المترجمين المعاصرين الذين بذلوا جهودًا عظيمةً في توصيل الأدب العالمي إلينا بلغتنا العربية، وأصبحوا بذلك جسورًا للتواصل الحضاري، وساهموا في إثراء المكتبة العربية والرواية العالمية بأعمال الكتاب والأدباء والمفكرين العالميين.

صالح علماني والأدب اللاتيني

صالح علماني

أمضى صالح علماني أكثر من ربع قرن من حياته في مسيرته الأدبية خدمةً للأدب اللاتيني، الذي لم يكن معروفًا لدى كثير من القراء العرب. صالح علماني المترجم الفلسطيني الذي يقيم في سوريا، وُلد في مدينة حمص عام 1949م ودرس الأدب الإسباني وعمل على ترجمة أدب أمريكا اللاتينية وإسبانيا، ليقدم للقارئ العربي أكثر من 100 عمل مترجم، ليصبح بذلك أحد أكثر المترجمين العرب غزارةً في الإنتاج.

ولعل هذا السبب هو ما دفع كثير من الكتاب والأدباء البارزين في أمريكا اللاتينية إلى مطالبة الحكومة الإسبانية بمنحه الإقامة في إسبانيا مع عائلته بعد نزوحه من سوريا، وهو ما تحقق بالفعل، حيث استجابت إسبانيا لهذه المطالبات، ومنحته الإقامة على أرضها تكريمًا له ولمنجزاته الكثيرة والمتعددة في نقل إبداعات الأدب واللغة الإسبانية إلى العربية.

هناك الكثير من الأعمال لصالح علماني، لا يتسع المجال لذكرها جميعًا، لكننا نذكر بعضًا منها، مثل ما تم ترجمته للروائي غابرييل غارسيا ماركيز: "الحب في زمن الكوليرا" و"قصة موت معلن" و"ليس لدى الكولونيل من يكاتبه" و"مئة عام من العزلة" و"عشت لأروي" و"ذاكرة غانياتي الحزينات" و"ساعة الشؤم" و"الجنرال في متاهة".

كما ترجم أيضًا للراوئي ماريو بارغاس يوسا: "حفلة التيس" و"دفاتر دون ريغوبرتو" و"رسائل إلى روائي شاب" و"في امتداح الخالة" و"من قتل بالومينو موليرو" و"شيطنات الطفلة الخبيثة".

و ترجم كذلك للروائية إيزابيل أيندي: "إنيس... حبيبة روحي" و"ابنة الحظ" و"صورة عتيقة" و"حصيلة الأيام" و"باولا".

و ترجم كتبًا أخرى منها:

  • كل الأسماء: جوزيه ساراماغو
  • انقطاعات الموت: جوزيه ساراماغو
  • مدينة الأعاجيب: إدواردو ميندوثا
  • رؤى لوكريثيا: خوسيه ماريا ميرينو
  • الريح القوية: ميغل أنخل أستورياس
  • أبوباباكواك: برناردو أتشاغا
  • كرة القدم بين الشمس والظل: إدواردو غاليانو
  • عرس الشاعر: أنطونيو سكارميتا
  • بيدرو بارامو: خوان رولفو
  • عبده بشور الحالم بالسفن: ألفارو موتيس
  • النشيد الشامل: بابلو نيرودا
  • نيرودا حياته وشعره -دراسة.
  • شيء من حياتي - مذكرات- ترجمة.
  • مختارات شعرية لالبيرتي -ترجمة.
  • القطار الأصفر- رواية للأطفال.
  • الدب القطبي - رواية للأطفال.
  • أربع مسرحيات للوركا -ترجمة

من أبرز مقولات صالح علماني أنه كان يقول دومًا: ” أعيش الرواية كما لو أنني أكتبها”، وكان يقول أيضًا: “الأسلوب هو المترجم”.

أحمد الصمعي

أحمد الصمعي

أحمد الصمعي هو مترجم تونسي، ويعمل أستاذًا للغة الإيطالية في الجامعة التونسية، قام بترجمة العديد من المؤلفات الإيطالية إلى اللغة العربية، مثل "خياط الشارع الطويل" لجوزيبي بونافيري، و"الحكايات الشعبية" لإيتالو كالفينو، ولكن أشهر أعماله التي ذاع صيته من خلالها، وتركت أثرًا كبيرا في الرواية العالمية، هو عمله الشهير "اسم الوردة" لأمبرتو إيكو، أحد أشهر الأعمال الإيطالية، وهي التي عكف الصمعي على ترجمتها في سنتين كاملتين، وصدرت لأول مرة عن دار التركي للنشر في تونس عام 1991م، ثم ترجم أعمالًا أخرى للأديب الإيطالي أبرزها "مقبرة براغ".

لم تنتهي قصة أحمد الصمعي مع ترجمة رواية "اسم الوردة" ونشرها في دار نشر التركي بتونس، إذ فوجئ الصمعي بعد خمس سنوات من إتمامه للترجمة، بظهور النص الخاص به في ترجمة رواية "اسم الورد" يُنشر في ترجمة أخرى للرواية ذاتها، ويكاد يكون النص منقولًا بحذافيره، صادرًا عن دار سينا للنشر في مصر عام 1995، للمترجم العراقي كامل عويد العامري، حيث اشتهر الصمعي بخلافه مع العامري.

ويروي أحمد الصمعي عن تلك اللحظة التي وقعت فيها ترجمة العامري لنفس الرواية بين يديه، حيث يقول: "عندما اطلعت على نص عويد كامل العامري فوجئت بترجمتي منقولة، تارة بحذافيرها وتارة محرفة، وذلك من دون أدنى إشارة من المترجم إلى اعتماده الترجمة التي نشرتها دار التركي التونسية سنة 1991، ولا أدري أي حقوق تدعي دار سينا حفظها بينما تعدى مترجمها على حقوق الآخرين. ولا أدري أيضًا أي نص راجعه السيد يوسف حبي؟ ودليلي أن هناك فقرات كاملة سرقت من نصي كما هي، وها أنا أسوقها على سبيل المثال لا الحصر، في الكتابين، مع تحديد أرقام الصفحات. (1)

أحمد العلي.. مزج الشعر بالترجمة

أحمد العلي

هو شاعر وكاتب ومترجم ومهندس سعودي شاب، تخرج من كلية الهندسة في جامعة الملك فهد وتخصص بعدها في علوم النشر في نيويورك، ثم انتقل إلى دولة الإمارات للعيش هناك، له أربعة من الكتب الشعرية وهي: "لافندر، أوتيل كاليفورنيا"، و"كما يغنّي بوب مارلي" ويعد هذا الكتاب من أكثر الكتب مبيعًا في معرض الرياض الدولي للكتاب، عقب صدوره، و"يجلس عاريًا أمام سكايب"، و"نهام الخليج الأخضر". وأدرجت نصوصه ضمن مجموعة من مختارات قصائد لشعراء سعوديين، في كتاب "عشرون دقيقة"، وكتاب "ثلاثون شاعرًا - ثلاثون قصيدة".

ترجم إلى العربيّة كتاب بول أوستر "اختراع العُزلة" الذي كان من أكثر الكتب مبيعًا في معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2016؛ وألف شفق "حليب أسود" الذي كان من أكثر الكتب مبيعًا في مكتبة جرير؛ وغراهام سويفت "أحد الأمومة"؛ ويلمار سودربيري "دكتور كلاس"؛ ومارغريت آتوود "حكاية الجارية"؛ وآيان مكيوان "الارتياح للغرباء"؛ ونعومي شهاب ناي "يرى النّحلُ وجهك وردةً غريبة: صندوق الموسيقى"؛ ومختارات من الشعر الصوفي بعنوان "أصوات الطبول البعيدة". كما شارك في ترجمة كتابي "الزن في فن الكتابة" و"لماذا نكتب". (2)

من خلال مقابلته في برنامج "أبعاد ثقافية" على قناة سما دبي، والمحاضرة التي ألقاها في برنامج إثراء المعرفة iReadAward تحت مظلّة أرامكو السعودية، يرى أن الشّعر والترجمة لا يمكن فصلهما إن أردنا التحديث في كلا المجالين. لابدّ للشعر العربي أن يستفيد من آداب العالم من حوله استفادته من التراث كي يجدّد قاموسه اللغوي ورؤاه الجماليّة ويبتكر المُغايرَة، فهذا ما فعله كبار شعراء القرن العشرين مثل السيّاب وأدونيس وسعدي يوسف وبسام حجار وسركون بولص. ولابدّ أيضًا للترجمة أن تستفيد من عشق الشّاعر للغته ورؤيته المغايرة للكتابة والأدب، ما يعني انتقاء الكتب التي تُترجَم من مكتبة العالم الهائلة بشروط المغايرة والاختلاف والإضافة إلى المكتبة العربية، لا الأكثر مبيعًا أو انتشارًا. (3)

يعمل أحمد العلي على تحرير العديد من الكتب الأدبيّة سنويًّا مترجمةً إلى اللغة العربية من مختلف الآداب العالمية، ويُشرف على تدشينها في معرض الشارقة الدولي للكتاب بدولة الإمارات. من بين الكتب التي دفعها إلى السّاحة: ترومان كابوتي "بدم بارد"؛ جيمس بالدوين "غرفة جيوفاني"؛ ريموند كارفر "عمّ نتحدث حين نتحدث عن الحب"؛ بوب ديلان "أخبار الأيام"؛ جوليان بارنز "الإحساس بالنهاية"؛ آيان مكوين "الفناء الإسمنتي"؛ غراهام سويفت "الطلب الأخير".


هوامش:

(1)- نقلا عن موقع الحياة، في حوار صحفي مع المترجم أحمد الصمعي.

(2)- الموسوعة الحرة ويكيبديا

(3)- "أبعاد ثقافية: 11\04\2016"